Tuesday 17 November 2015

فضفضة

كم هو مؤلم عالم الكبار....  لماذا كبرنا.. لماذا أصبحنا بالغين..  العمر يمضي ولم نجد فيه ذلك الشعور الكامل بالفرح..  نحب ونتزوج لأننا نظن أن الزواج بمن نحب سيعطينا الفرح والسعادة.... لكن للأسف عالم الكبار معقد..  قاسي..  كل يمشي حسب مصالحه.. لا يتنازل أغلبنا عما يريد..  نرسم خططا ونمشي بها..  نتنازل عمن ندعي حبهم..  ندوسهم..  نبتعد..  بدافع وبداعي أن ما نريده في الحياة أهم منهم...  الغريب في الأمر أننا ندعي أن الإنسان أغلى ما نملك...  نلوم المجتمعات على كونها وضعتنا اخر اولوياتها وأصبح الإنسان أرخص شيء في الوجود...  ونحن من نصنع ذلك...  نحن الذين بدأنا بذلك... يصبح الحب شيئا ثانويا ولا معنى له..  مع أننا نحارب لأجله في البداية...  لكن كل شيء موجود وأصبح لدينا ونمتلكه سيفقد بريقه..  وسيصبح ما ليس لنا أغلى وأثمن...  إلى الان أنتظر بحب وبشوق رجوعه..  لكن بدأت أفكر هو تركني..  هو لم ينظر إلى مشاعري..  تركني وقت حاجتي إليه..  ليس لأنني أحتاجه ماديا ولا صحيا..  لكن حاجتي إليه بدفئه وعاطفته واحتوائه... هو موطني..  هو أملي..  هو كل ما أملك..  كنت متلهفة لشراء بيت..  سيارة... أمل دراستي العليا...   أحلم بأن يصبح لي كل ذلك.. لكن بوجوده..  ليشاركني فرحتي...  الان سأقوم بذلك لكن وحدي..  دون وجود طعم لتلك الأشياء..  سأشتري الشقة لكن لمن؟.. كانت من قبل شيئا لنا معا حتى لو كانت لي وحدي لكنه سيشاركني فرحتي...  سأحس بإنجازي معه.. الان لا شيء جميل في ذلك..  سأكمل دراستي..  كنت أحلم أن يحضر رسالتي وتخرجي..  أن يكون هو من يدعمني...  أن يكون هو من ينظر لي بفخر..  وجود والدتي أطال الله في عمرها ووجوده معي...  ذلك ما كنت أحلم به.. لم يعد ذلك مهما..  سأكمل طريقي وحدي لكن لا طعم لذلك..  ليس أنني لا أستطيع...  لكن وجود من نحب معنا يعطينا الأجمل..  يعطينا القوة...  يعطينا السعادة..  نشاركهم ويشاركونا فرحتنا...
أفكر بذلك الان..  سأجعل حبه في قلبي..  سأداوم عليه..  سأجعل منه دافعا لي..  رغم أن حبه مؤلم الان..  لكنه كان دافعا لي في وقت ما..  على الرغم من أنه باع حبنا مقابل حياته.. خططه..  لم يتنازل عما يريد ورأى أن العامل السيء هو أنا...  لم يحاول تغيير مساره لأجلنا أو لأجل حبنا..  أعتقد أن هذا هو طابع الرجل الشرقي بالعموم..  يجب على المرأة أن تتبعه أينما ذهب...  أما إن أحس بأن هناك تعارضا فسيضحي بها ويكمل طريقه..  لن ينظر ماذا حصل لها.. ولا حتى ما حصل لقلبها..  ولا إذا انكسرت خلفه..  أو أنها بكت عليه..  وعليها أن تصبح أقوى..  عليها أن تبني ما خسرت من جديد...  كنت فخورة بإنجازاتي..  أنهيت البكالوريوس والماجستير وانا لم أكمل الرابعة والعشرين..  تخرجت وسافرت إلى الخارج..  عملت في جامعة لمدة سنتين..  وبعد ذلك تزوجت من أحب..  أردته وأرادني..  عشت معه في الخارج اربع سنوات عملت فيها كمعلمة.. كنت قطعت مسافة كبيرة جدا أكثر من جميع أقراني..  وكذلك كنت أفتخر كلما سألني أحدهم عن دراستي أو عملي..  وكذلك كنت فخورة بعمل زوجي السابق..  كلما سألوني ماذا يعمل..  أجاوبهم بأنه صحفي..  تلك الكلمة كنت أحسها مصدر فخر لي..  لم يكن الصحفي بحد ذاته فخرا فقط..  لكنه كان مختلفا.. كان عندما يتحدث يستمع الجميع له..  يعرف كيف يحاور ويناقش..  يفتح مواضيع قيمة... يكون في جلسة رجال ويكون متحدثا..  لكن ذلك سبب لنا المشاكل أيضا لأنني أصبحت أحس بالضعف أمامه...  بيني وبين نفسي أكون متأكدة بأني لن أقنعه أبدا.. لن يقتنع بشيء مني.. أصبح يبتعد عني..  أصبحت عصبية.. متقلبة المزاج... عنيدة.. لم يعد هو من يحتضنني وأشكو له..  أصبحت أشكو منه.. كان الوحيد الذي أرتاح معه..  أصبح الوحيد الذي أريد أن أرتاح منه في بعض الاوقات...  حتى ونحن في مشاكلنا...  كنت أغضب وأضعف..  لكنني كنت ضعيفة جدا من الداخل..  أنظر إليه ولي رغبة شديدة بأن يحضنني..  أو يعتصرني ويدخلني داخله..  لأنه كان يستفزني ويغضبني في كثير من الأحيان..  لكنه الوحيد القادر على تهدئتي..  أنا تائهة الان..  أبحث عنه..  لا أريد أحدا غيره أعطيه همي أو أشكو له أو يشاركني فرحتي...  كنت أتمنى أن نكبر معا..  أشاركه إنجازه..  نحلم سويا..  نهب ذلك الحب والعطاء لأطفالنا..  لم أكن أتوقع هذه النهاية...  لا أريدها إلى الان...  لكن تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن....
سأحمل حبه معي..  سأحمله أينما ذهبت..  سأبقيه أملا..  سأشعل طريقي به.. سأتذكر كل ما هو جميل..  لن أتذكر ما عانيناه..  سأتذكر شخصا كاملا بمواصفاته.. سأتذكر من أحببت...  وليس من تركني ضعيفة..  سأتذكر من ساعدني وأعطاني القوة..  ولن أتذكر ذلك الغريب الذي هجرني...  سأبدأ صفحة جديدة ليس في قلبي وفي حبي...  لكن في عقلي وفي شخصي.. سأحمل إخلاصي وحبي ووفائي له..  سأفتح ذراعي له إن عاد..  وإن لم يعد سأحمل ذلك الحب معي أينما كنت وأينما ذهبت....  

3 comments:

  1. مشاكلنا تبدأ دائما عندما ينتهي مفعول ذلك المخدر المؤقت الذي لا نعي مدي تأثيره في حياتنا الا عندما ينتهي ويسود الفتور كل شئ ....

    ReplyDelete
    Replies

    1. الفتور هو ذلك اللص الذي يسرق منا أغلى وأحلى ما نملك.. يتسلل إلى عقولنا وقلوبنا ويسرق منا حياتنا..

      Delete

    2. الفتور هو ذلك اللص الذي يسرق منا أغلى وأحلى ما نملك.. يتسلل إلى عقولنا وقلوبنا ويسرق منا حياتنا..

      Delete

...please leave comment
من فضلك اترك تعليقا أو بصمة لك ..